Fériél Taqbaylit on Clubhouse

Bio

ليس صحيحا أننا يجب أن نتمسك بالأشياء التي نحبها مهما حدث .. ليس صحيحا أنه يتوجب علينا أن نقاتل من أجل الاحتفاظ بشخص لا يبذل مجهودا مقابلا للإبقاء علينا فقط لأننا نخشى فقده .. على العكس تماما .. إن أردنا شيئا أو شخصا بشدة و بصدق يجب أن نترك له الحرية المطلقة ليرحل حين يرغب .. فالضغوط و الاستجداء و التوسل أساليب ابتزاز عاطفي و ليست أبدا تعبيرا عن المحبة .. إن تمسك بنا و عاد إلينا فهو لنا إلى الأبد .. و إن لم يعد فلم يكن لنا من البداية ..

و لكن .. ماذا عن العلاقات المذبذبة .. التي تتأرجح بين البعد و القرب .. الهجر و الوصل .. الاشتياق و الفتور .. الاهتمام و الاهمال ..؟

إن كرر طرف الابتعاد و الاقتراب فهو على الأغلب حب امتلاك .. يزداد في أوقات الشعور بالخسارة و يعاود الإهمال بعد التيقن من الامتلاك .. أو شخص متقلب أو متردد ..

غالبا هذه العلاقات مازالت علاقات غير مستقرة و غير محسومة .. تفتقر للأمان المنشود في أي علاقة .. يتحتم فيها على الطرف المتردد أن يحسم موقفه من العلاقة دون ضغط عاطفي من الطرف الآخر و دون ضغط منه على نفسه خوفا من اتهامه بالأنانية أو التخلي أو الخيانة .. و الحقيقة أن كثيرا من العلاقات الحقيقية مرت بهذا المنعطف و تخطته و أصبحت علاقات آمنة مؤمنة توجت بالاقتران الأبدي .. و كثير منها أيضا كانت بمثابة إزاحة حمل ثقيل و راحة نفسية نتيجة عدم الرغبة في الاستمرار و انتهت بالبعد التام و انخراط كل طرف في حياة جديدة أو عودة الانخراط في حياة قائمة بالفعل ..

الصوفية ليست فلسفة روحية سامية و معالجة للنفس من فراغ .. فالتدريب على الترفع و الزهد ليس بالأمر الهين .. و التصالح الداخلي مع فقد الأمور التي شغفنا بها و عجزنا عن الاحتفاظ بها قوة .. و هجر الأشياء التي تتعالى علينا بالتخلي انتصار عظيم حتى و إن رافقته الخسارة و الحزن و الوحدة و العذاب .. كل هذا تمتصه الأيام .. و يبقى بداخل الانسان احترامه لنفسه و صونه لكرامته و تقديره لذاته ..

أتعجب كثيرا من النساءو الرجال الذين يمارسون ضغوطا من أي نوع على طرف لا يبادلهم المشاعر و الاهتمام .. و يصممون على الاحتفاظ به رغم هروبه المتكرر و كثرة أعذاره .. هذا حب تملك على الأغلب أو خوف من الوحدة و الإخفاق أو تخوف من البداية من جديد .. فلا سعادة مع الخذلان أبدا مهما كان الذي خذلنا قريبا إلى قلوبنا ..

الإهمال يعني عدم الاكتراث للشخص .. و كثرة الأعذار تعني قرب الرحيل .. و إثناء شخص عن رغبته في الرحيل بمثابة اعتقال دون تهمة .. الاختيار حق انساني أصيل لكل انسان حتى و إن كان اختياره مؤلما لنا أو لأحدهم .. لاسيما الاختيارات العاطفية التي لا سلطان عليها و لا تخضع لأي معايير سوى الرغبة في الاستمرار أو انعدامها ..