آية " وإلى الأرض كيف سُطحت" آية جليلة يمتن الله بها على عباده بأنه جعل الأرض للناس فيها استواء، وبسط، يستطيعون فيها أن يعيشوا، وأن يتقلبوا، وأن تستقر الحياة عليها، قال إمام التفسير ابن سعدي (١٣٧٦ هـ): "مدت مدًا واسعًا، وسهلت غاية التسهيل، ليستقر الخلائق على ظهرها، ويتمكنوا من حرثها وغراسها، والبنيان فيها، وسلوك الطرق الموصلة إلى أنواع المقاصد فيها".
وأما من توهم بأن "سُطحت" المراد به أن الأرض كلها مستوية فهذا مردود من وجوه:
١- أن الأرض فيها أودية، ووعورة، ومنحنيات محسوسة، ومرتفعات منظورة، وهذا خلاف الاستواء، فعلمنا من خلال الحس أن الأرض "قطعًا" ليست في جرمها الكامل.
٢- أن الألف واللام في الأرض للعهد، والعرب الذين نزل عليهم القرآن يعهدون الأرض التي هم عليها، فيشهدون استوائها، ويشهدون سطحها المرئي، وهذا مورد امتنان الله عليهم بهذا الخطاب القرآني.
٣- كذلك سياق الآية يؤكد هذه الدلالة، فالعرب لم تشهد ( كل الإبل) ولم تشهد ( كل السماء) ولم تشهد (كل الجبال) أيضًا لم تشهد (كل الأرض) !
٤- مما يؤكد فهمنا، وصحة كلامنا، أن العرب تريد بلفظ "مُسطح" ما كان فيه معنى مخصوص بالاستواء، حتى ولو كان جِرم المُراد بالتسطح ليس مستويًا في كامله، يقول ابن جرير الطبري إمام المفسرين في تفسيره المشهور (٣١٠هـ) : "يقال: جبل مُسَطَّح: إذا كان في أعلاه استواء"
لاحظ هنا أن الجبل مشهود بالحس أن كله ليس مستوٍ ومبسوط، ورغم ذلك كانت العرب تقول" جبــل مُسـطح" ! والجبل كما هو معلوم شديد الانحناء، وشديد الوعورة ولذلك قصدت العرب معنى مخصوص لا يُراد به كل الجبل. ومن هنا كان إيراد الطبري؛ للدلالة على أنه لا يلزم بوصف جسم ما أنه مسطح أي مستوٍ بالكامل، وهذا ينقض الاستدلال بهذه الآية على أن الأرض في جسمها الكامل مستو
النتيجة: لا يصح أن يُقال أن الآية تم تأويلها، بل الآية على ظاهرها التي تريده العرب، وظاهرها على مُراد الشارع. وعلى ذلك كل من استدل بهذه الآية أنها الأرض كاملة، فيلزمه الدليل ودون ذلك خرط القتاد.
Day | Members | Gain | % Gain |
---|---|---|---|
July 03, 2024 | 613 | +7 | +1.2% |
March 24, 2024 | 606 | +6 | +1.0% |
February 03, 2024 | 600 | +4 | +0.7% |
December 20, 2023 | 596 | +8 | +1.4% |
November 09, 2023 | 588 | +3 | +0.6% |
October 09, 2023 | 585 | +8 | +1.4% |
September 09, 2023 | 577 | +4 | +0.7% |
August 12, 2023 | 573 | +5 | +0.9% |