ومعلوم أنَّ من بني أميَّة خيار هذه الأمة وأبطالها كعثمان بن عفان وخالد بن سعيد بن العاص أحد السابقين الأولين وكان خامس خمسةٍ في الإسلام([1])، وأخواه أبان وعمرو واستشهدوا ثلاثتهم يوم أجنادين رضي الله عنهم.
ومنهم معاوية بن أبي سفيان خال المؤمنين، وأخوه يزيد بن أبي سفيان ووالدهما أبو سفيان صخر بن حرب وغيرهم رضي الله عنهم، ثم بعدهم ملوك الإسلام وأمراء المؤمنين.
ومعلومٌ أَنَّ خُلَفاءَ بني أُميَّةَ مِنْ خيارِ مُلوكِ المسلمين، ولا أدَلَّ على ذَلِكَ ولا أَظْهَرْ، من كثرةِ فُتُوحاتِهِم، وما خصَّهُمُ اللهُ عز وجل ويَسَّرَهُ على أيديهم، مِنْ نَشرِ الإسلامِ وتمكينِهِ في الأرض، حتَّى أصبَحَ المُسلِمُ عزيزاً، ولا تجرؤُ أُمَّةٌ -وإن عَظُمتْ- على انتِقَاصِ قدرهِ، أو هَضْمِ حَقَّهِ.
وعهدُ بني أُميَّةَ من خير عهودِ الإسلام، ففيه انتشرَ الإسلام في مشارق الأرضِ ومغاربها، وانحسر الكُفْرُ وكُبِتْ.
وفيه انتشر العلم والفقه، ودُوِّنَ الحديث، ودُوِّن التفسير، وعمَّ الرخاءُ في العالم الإسلامي، حتى بلغَ الحال بالمسلمين في بعض عهودِ بني أُمَيَّةَ، ألاَّ يجدوا محتاجاً يأخُذُ زكاةَ أمْوَالِهِمْ، لِغِنى المسلمين وكِفايَتِهِم، على الرُّغْمِ من اتساع الرِّقْعَةِ وكثرةِ المسلمين.
ويشهد لِفضلِهم -على الجُملة- قوله صلى الله عليه وسلم: { خيرُ القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم }([2])